عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-2022, 05:04 AM   #1
((أبوعلي))
عميد المنتدى
مُعتـّق برائحــة الطين!


الصورة الرمزية ((أبوعلي))
((أبوعلي)) متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4554
 تاريخ التسجيل :  08 2003
 أخر زيارة : يوم أمس (01:39 PM)
 المشاركات : 11,520 [ + ]
 التقييم :  129
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Darkred
يومٌ من حياة مكتئب !!!



رن جرس المنبه فانتفضت في فراشي كالملدوغ ومددت يدي بتراخٍ شديد لاسكاته ، يا إلهي ! انها الساعة الثامنة صباحاً من يوم الخميس ولدي عمل ومن ورائه مدير يزمجر في وجهي مهدداً بالتحقيق والفصل في حال تكرار تأخري وغيابي !!


تذكرت هذا المشهد وأنا أصارع كل احاسيس الدنيا السلبية التي تهاطلت على دماغي فجأة !

أشعر وكأن جبلاً ضخماً يتوسط صدري ويأبى أن يتزحزح !

سوداويه وتشاؤم !

شعور بالعدمية !

شعور بالاحتقار والانحطاط !

كسل عظيم وكأني مقيد بسلاسل على سريري !

آلام في كل أجراء جسدي !

أحاسيس مختلطة لا أستطيع وصفها ولا التعبير عنها !

شعور وكأن شيئاً عظيما ينقصني ولا أدري ماهو !!


اعتدلت وجلست على طرف سريري وأعظم أمنية أتمناها في هذه اللحظة هي أن أبقى في سريري ولا أقابل أحداً !!

نهضت بتثاقل عظيم لأتوضأ وأصلي الفجر بعد فوات وقتها ! وللصلاة حكاية معي سأحكيها لاحقاً !

عدت الى غرفتي لارتدي ملابس الخروج ، لبستها من دون تنظيم ولا ترتيب!

ذهبت الى طاولة الطعام لأجد زوجتي وقد وضعت طعام الافطار ، رمقتها بعيني وهي كالفراشة تتحرك في كل ارجاء المنزل متألقة ومتأنقة لأنها ستذهب هي الأخرى لعملها !

رميت بجسدي على الكرسي وتناولت افطاراً لا لون ولا طعم له في فمي ، ونهضت سريعاً للعمل .. أدرت محرك سيارتي لتلتهم الطريق بسرعة وأنا أفكر في زمجرة المدير وتهديده !!

دخلت لمكان العمل وإذا بالمدير وكأنه ينتظرني ! أطرقت برأسي وتناولت القلم للتوقيع ، فصرخ في وجهي : انتظر ! هل تعلم كم هي الساعة الآن ؟؟ ماذا أفعل معك وقد تكرر تأخرك وغيابك ؟؟؟

لم يكن في نفسي أدنى طاقة للرد او الجدال فوقعت ورميت بالقلم وادرت ظهري للخروج من مكتبه هو يهمهم : طيب طيب سترى !!!

ذهبت الى غرفتي فسمعت زملائي يتضاحكون ولما دخلت عليهم قال أحدهم : ماشاء الله مبكر . الحمد لله على السلامة !!

ألقيت التحية وتجاهلت كلامه ورميت بجسدي المنهك على كرسي مكتبي وطوقت رأسي بيدي وأطرقت لألتقط أنفاسي !! فمضت مدة على هذه الحال ولم يقطعها سوى سلام أحد المراجعين ، فرفعت رأسي وحييته وانجزت له معاملته .

كل الزملاء حولي أرى في وجوههم الطاقة والحيوية والاقبال على الحياة ، كانوا يتبادلون النكت ويتضاحكون وتدور بينهم كؤوس القهوة والشاي وقطع الحلوى والمكسرات !!!

انهمكت في عملي حتى اقطع الوقت وأسلي نفسي ببعض الانتاجية !!

مر وقت العمل ثقيلاً مرات وسريعاً مرات على حسب الحالة المزاجية والحالة الانتاجية .. اقترب وقت الخروج وتوجه الزملاء لغرفة المدير للانصراف وأنا أحمل هم كلامه ونظراته !!

دخلت عليه وسلمت ووقعت وانصرفت ولم يقل لي شيئاً !

أدرت محرك السيارة وكان الجو حاراً وخانقاً وقت الظهيرة ، وكانت زوجتي قد ارسلت برسالة تطلب مني شراء طعام الغداء من أحد المطاعم !

نزلت للمطعم بتثاقل واشتريت الطعام وتوجعت بسرعه للمنزل وانا لا خاطر لي بشي سوى أن أرمي جسدي على سريري وأناااااام فنومي كله متقطع ولا اشعر معه بعمق يرويني !!

دخلت المنزل والعرق يتصبب مني فوضعت اكياس الطعام على الطاولة وتسللت سريعاً الى غرفتي لأرمي بجسدي واستسلم للنوم الذي لم أفق منه سوى العاشرة مساءً ، نهضت وجلست على طرف سريري كعادتي وطأطأت برأسي للأسفل وجلست على هذي الحال قرابة الساعة حتى استجمعت قواي فذهبت لأتوضأ وأنا أحمل هم أداء الصلوات الفائتة ! ولا يعلم هم أداء الصلوات بحق سوى المكتئب الذي يشعر بشلل نفسي نحو العبادات مقروناً بتأنيب عظيم للضمير !!

وأنا أقول هم أداء الصلاة وليس هم الصلاة فالهم هم الأداء وليس هم ذات الصلاة التي هي في حقيقتها راحة للنفس والروح !!!

أديت الفوائت ببطء على حسب استطاعتي ، نهضت وذهبت لغرفة الجلوس وتصفحت جوالي فوجدت رسالة من زوجتي انها ليلة الجمعة وانها ذهبت مع صديقاتها لأحدى الأماكن الترفيهية ، اتصلت بها لأعرف موعد عودتها وأنا أسمع قهقهات وضحكات صديقاتها العالية !!!

أغلقت الجوال واغمضت عينيّ فلاطاقة لي وقتها بإعداد القهوة التي أحبها بعد النهوض من النوم !

فتحت التلفاز لأتنقل بين القنوات التي لا مزاج لي لمشاهدتها فأغلقته سريعاً !!!

ولم يبقَ لي شيء ترفيهي في حياتي يعطيني بعض السلوى سوى الانترنت والواتس اب ومجموعاته ! وكنت أتخيل نفسي لو لم يكن هناك انترنت ماذا ستكون حالي !!!!!

مرت بي ساعتان وانا احملق بالجوال فأناقش وأتكلم وأحاجج وأغرد !!

تجاوزت الساعة الواحدة وجاءني احساس معتاد بالوحشة يأتي كل يوم آخر الليل ، وحشة داخلية مزعجة يصعب وصفها !!! تمنت لو أن زوجتي بجانبي رغم أنها لا تهتم بي كثيراً ولا بمرضي وأحياناً تهددني بالترك مادام حالتي هكذا !!!

التقطت الجوال واتصلت بها وقالت أنا راجعة في الطريق وبعد دقائق دخلت ومعها القهوة والشاي والبسكوت والمعجنات من بقايا السهرة !!!

ورغم ان فرحي قليل ورغم اسلوبها معي الا ان قلبي انتفض فرحاً لمقدمها وشعرت بالوحشة قد خفت ، فطلبت منها ان تضع القهوة والشاي والمعجنات بجاني فأنا رغم قلة شهيتي الا انه تأتيني اوقات اشتهي فيها الأكل !!

شربت القهوة والشاي وتناولت بعض الشوكولا والمعجنات والتي أغنتني عن تناول طعام العشاء !!

جلست بعدها مع زوجتي حتى أذان الفجر لأنهض واتوضأ وأصلي ثم ألقي بجسدي على سريري ايذاناً بنهاية يوم من حياة مكتئب !!!!





هذا السيناريو المختصر هو حياة مصغرة لحال كثير من المكتئبين والقصة هذه رغم أنها تخيلية الا ان لها حظ من الواقع ربما تقل احداثها عند شخص وتزيد عند آخر !!!!



تحياتي للجميع ،،،،
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس