عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2008, 05:46 PM   #1
د. هاني الغامدي
محلل نفسي ومستشار الشؤون الأسريه والمجتمعيه


الصورة الرمزية د. هاني الغامدي
د. هاني الغامدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29553
 تاريخ التسجيل :  08 2007
 أخر زيارة : 23-03-2011 (08:47 PM)
 المشاركات : 782 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
مقالاتي في بعض الصحف والمجلات المحلية والإقليمية



علاقة المعالج النفسي بالمستفيد هي علاقة إنسانية من الدرجة الأولي

وهي علاقة مهنية كذلك يحكمها الكثير من العوامل الإنسانية .

وكان يطلق في الماضي على المعالج النفسي لفظ "الحكيم" لما يمثل ذلك من معاني الاحترام والتبجيل والإجلال لعمل المعالج النفسي ,

حيث أن العلاج النفسي مهنة إنسانية تستدعي أن يتخلق فيها المعالج بالأخلاق الرفيعة السامية وأن ينظر إلى وظيفته نظرة إنسانية قبل أن تكون نظرة مهنية محترفة …

لذلك فإن من ينجح في هذه المهنة نجد أنه يتمتع دائما بالأخلاق الرفيعة أولا قبل أن يكون نابغا من الناحية العلمية .

وفي الطب النفسي فإن هذه النظرة من المجتمع إلى المعالج النفسي تكون أوضح ويكون المعالج النفسي دائما تحت المجهر
وإذا نجح في عمله فإنه دائما يطالب بإعطاء رأيه في الكثير من أمور المجتمع ...ويكون لهذا الرأي وزن عند اتخاذ أي قرار في الموضوعات الخاصة بالأمور الإنسانية أو الاجتماعية التي تمس الرجل والمرأة والكبير والصغير

وعند تواصل الأسرة مع المعالج النفسي فقد يأخذ المستفيدون وأسرهم الرأي من المعالج النفسي في الكثير من شئون الحياة الخاصة بهم … فمثلا قد يستشيرونه في مواضيع الزواج أو الطلاق أو في مواضيع إختيار الرغبات في دخول الجامعة أو المدارس ونوع العمل الذي يختاره الإنسان , وأحيانا أخرى قد يقوم المستفيد بالاستفسار عن بعض الأمور الدينية من المعالج النفسي

وبمعني أشمل فإن المستفيدون وأسرهم ينظرون إلي المعالج النفسي على أنه ملم بجميع أمور الحياة الإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية والدينية .
وكثيرا ما يواجه المعالج النفسي بعض الأزمات الإنسانية من المستفيدين

وأحيانا يتعلق بعض المستفيدون بالمعالج النفسي لدرجة أنهم يعتقدون أن هذا المعالج هو المنقذ , أو حتى يأخذ صورة فارس الأحلام الذي تفكر بعض المستفيدات بأن خلاصها في بقائها معه أو الزواج منه

ويحدث هذا الموقف في أثناء العلاج النفسي الفردي , ويسمي هذا الموقف في التحليل النفسي
" التحويل " فإذا كانت المستفيدة أنثى فقد تتعلق بالمعالج مشاعريا بشكل أو بآخر أقله هو التودد أو المودة المشاعرية

وإذا كان المستفيد ذكرا فقد يحاول البعض من المستفيدين الرجال التقرب من المستشار كصديق حميم له - بالطبع لا نقصد هنا أن المستفيد يحاول إستحداث علاقة غير سوية مع المستشار - وإن لم يفلح المستفيد في ذلك سنجد أن ذلك المستفيد سينفر من المعالج ويستشعر له الكراهية ويميل إلى معاداته بل ومحاولة منع الآخرين من التواصل معه .

وعند هذه النقطة من العلاقة فإن على المعالج النفسي أن يدرك ويصحح الموقف بطريقة علمية , وأن يستخدم مع المستفيدين من هذا النوع بعض العلاجات النفسية المعرفية التحليلية , حيث يشرح لهم الديناميكيات النفسية التي حادت بالعلاقة المهنية ما بين المعالج النفسي والمستفيد إلى علاقة عاطفية إنسانية

وقد يحدث أن البعض يرفض ولا يلتزم بتلك المحاولات من قبل المستشار , بل ويكون هناك إصرار بإستمرار تلك النظرة المشاعرية وتكرار المحاولة في إستمراريتها حتى لو تم توضيح ذلك من قبل المستشار للمستفيد بوجوب إيقاف تلك المشاعر

وفى دراسة قيمة للدكتور محمد المهدى مستشار الطب النفسى عن صفات المعالج النفسي المسلم لخص هذه الصفات في النقاط التالية :

1-المعالج النفسي هو العامل الأول في العملية العلاجية وعليه يقع عبء العلاج

ومعنى ذلك أن تكوين العلاقة الإنسانية وإنشائها هو الجزء الأهم من قبل المعالج النفسي والتي تضمن للمعالج بعد اجتيازه لهذه النقطة بأن المستفيد قد أصبح في حالة تسمح له بإملاء مايتوجبه الأمر من تعديل للسلوك أو التعديل ضمن مستويات الفكر القائم لشخصية المستفيد لكي يخرجه من الحالة السابقة التي كان عليها إلى حالة جديدة يبدأ المستفيد بإعتناقها ومن ثم ممارستها

2- العلاج النفسي أساسا هو موهبة وقدرة تُنمى بالدراسة والممارسة.

وهذه نقطة مهمة جدا , حيث أن الأمر ليس كله تنظيريا بالشكل الكلاسيكي المعروف , إنما هو أمر يعتمد على ملكة ومهارة تصقل بالعلم والمعرفة

3- لابد وأن يتوفر في المعالج النفسي تكويناً نفسياً قوياً ، ورؤية صحيحة , ورغبة في الإصلاح وقدرة على صعوباته ، وروح قيادية مع قوة تأثير وفطنة عالية لإختيار أحسن السبل للتغير.

4- لابد وان يكون المعالج النفسي ملما بقدر كاف بروح الإسلام وتعاليمه وتصوراته وأهدافه لتكون هذه هي مقاييس الصحة والمرض والعلامات الدالة على الطريق له وللمستفيد ,
وهذه النقطة تفضي بنا إلى أن المعالج النفسي يجب أن يكون ذو اطلاع واسع لأهم أمور الإنسان وهو الدين , وأيضا إكتساب المعرفة العامة في الكثير من العلوم , والتي تؤدي به إلى كسب ثقة المستفيد واعطائه الإحساس بمدى تفهمه لذلك المستفيد من ناحية خبراته ونظرته لحياة المستفيد الواقعية

5- أن يكون في هيئته وطريقة تفكيره ومشاعره وسلوكه قدوة للمحيطين به , لأنه صورة يقتدى بها المستفيد. وأن يكون دائم النشاط والنمو والتطور.
وهذه النقطة هي من أهم النقاط , حيث أن المعالج المحترف هو تحت الأضواء بشكل مستمر لذا توجب عليه الحيطة والحذر من أن يجتمع عليه ذووا النفوس الضعيفة لتشويه سمعته على سبيل المثال , أو النيل منه بغية تغطية تعريهم أمامه في وقت سابق أثناء المعالجة النفسية التي كانت معهم , وهذا مايعرف في علم النفس
بـ ( الإسقاط )

وأيضا أن يكون لديه النظرة المستقبلية تجاه الحفاظ على ثبات للمشاعر الحالية القائمة مع أي من المستفيدين والتي قد يدفع المعالج ضريبتها حين يتغير به الأمر دون هوى المستفيد لاحقا
على ألا يجب على المعالج بأن يتخبط في دروب الإحباط حيال النتائج التي فرضها عليه المستفيد أو العميل , وأن يبقى دائم النشاط والتجدد والحيوية كي لا يتأثر منتجه بشكل أو بآخر , وأن ينظر للأمر وكأنه مصنع لمنتج ما يكون هناك نسبة للتالف لا يجب أن تتجاوز أكثر من 5 %

6- أن يؤمن بأن عمله رسالة هي إستمرار لرسالة الأنبياء والمصلحين في إصلاح النفوس وهداية القلوب.

وهذا الأمر يأتي من خلال إعتقاد نفسي ومشاعري داخلي للمعالج , حيث أن الأمر هنا هو أمر نوايا واستراتيجيات فكرية يعيها المعالج المحترف

7- أن يكون واسع الصدر له القدرة على احتمال الصدمات والمتناقضات وعلى سماع الرأي الأخر ( والذي قد يأتي أحيانا في غير صالحه من الكائدين والمتنمرين له ) ومناقشته دون تعصب منفر.

وهذا الأمر يواجهه المعالجون النفسيون في البلاد العربية أكثر من البلاد الأوروبية , حيث أن ديدن ونهج السلوكيات لدى العرب هي مشاعرية أكثر منها منطقية , لذلك قد يقع البعض منهم فريسة انتقام من قبل بعض المستفيدين حسب الحالة النفسية والمشاعرية لأولئك المستفيدون سواء بسبب التعري الذي سبق ذكره أو من خلال محاولات من قبل البعض ورفض المستفيد لسلوكياتهم أو من خلال مواقف إنسانية ومشاعرية قد تحدث أثناء المعالجة لينقلب المستفيد بعد ذلك إلى شخص يحاول الثأر لنفسه ولمشاعره المرفوضة من قبل المستشار

8-أن يكون قادرا على مصاحبة المستفيد والاهتمام به وكأنه أحد إخوانه أو أبنائه أو أصدقائه الأعزاء عليه .
وهذه النقطة أتت في الجزء النظري المعروف في كتب علم النفس وضمن الدراسة النظرية المعروفة لهذا العلم
والتي قد تفسر أحيانا من قبل بعض المستفيدين بأنها الضوء الأخضر لتجاوزات سلوكية يكون المتهم الأول والأخير فيها هو المعالج النفسي أو المستشار السلوكي حين تكون الترجمة الخاطئة من قبل بعض المجتمعات المحافظة هي أساس السلوك دون النظر إلى الإحتياجات النفسية وتفهم آلية النفس لديهم والتي قد تتوق إلى ممارسة التجاوزات أحيانا بقصد أو بدون قصد


وبعد كل هذا نقول
بأن دور المستشار المعالج النفسي هو دور في غاية الصعوبة , لا يقدر عليه إلا من رحم ربي , وكان له النية الطيبة الحسنة في تقديم العمل الصالح , وأن يتحمل المعالج ضريبة اختياره لهذا العمل الذي يلمس نفوس البشر بكافة طوائفهم وألوانهم وأفكارهم ومرجعياتهم وقوتهم وضعفهم

هذا ونحن على علم بأن هناك البعض من المعالجين النفسيين لهم من يدعوا لهم بما أملته عليهم النتائج بقدر من الله وتوفيق من عنده سبحانه وتعالى ,

وأيضا هناك من المستفيدين من يدعوا على معالجيهم ظنا بأن أولئك المعالجون قد فشلوا في احتضانهم أو تقويمهم أو توجيههم إلى الطريق الصحيح , أو حتى لعدم إمتلاكهم لمشاعر المعالج النفسي , والذين لن يعوا ولن يشعروا بأي حال من الأحوال مدى مافعلوه لهم بغية وجه الله وبعدا عن البغضاء والمنكر ,

وهنا يتحول الأمر بالإحساس لدى أولئك المستفيدين بالنقصان وبالتالي ينصبغوا بحالة من الإستئساد كتعويض عما يعتقدون أنهم فقدوه في علاقتهم مع ذلك المعالج , والذي يؤدي في نهاية الأمر إلى هجوم ومتابعة لتفتيت كيان المعالج ومحاولة يائسة للنيل منه كتعبير إرادي أو لا إرادي أحيانا , وهو مايعرف
بالسلوك الدفاعي الإسقاطي

كما سبق وذكرنا أعلاه, وذلك لتحميل المعالج تبعات ماوصلوا إليه من تعلق مشاعري معه , لم يخرجوا منه سوى بالتعري أمام المعالج , بعد أن فقدوا مايعتقدون أنه سر حياتهم ومشاعرهم أمام كينونتهم , والتي لا يعلمون بأن المعالج الفطن والمحترف والمتفهم لما هو عليه الأمر قد أعد نفسه منذ البداية لهكذا مواقف , لن تجعله ينظر إليهم بدونية أو استخفاف , إنما هو يحترم ويقدر ويتفهم تلك المشاعر التي خرجت من أولئك المستفيدين , بغض النظر عما سيئول إليه الحال لاحقا من تجريح وهجوم وتتبع لحياة ذلك المعالج والمحاولة من النيل منه أمام الملأ ظنا منهم أنهم يحسنون صنعا


- هو عمل شاق ومضني -
عمل لا يرحم من تجرأ على أن يقدم فيه الدور الذي يرتضيه له المولى عز وجل ثم عباده

وبتوفيق من الله وبإذن الله , نحن له ماكنا أحياء
(( جزء من المحتوى منقول ))
مع خالص التحية ،،

المصدر: نفساني



 
التعديل الأخير تم بواسطة د. هاني الغامدي ; 16-05-2009 الساعة 05:01 PM سبب آخر: 1

رد مع اقتباس