عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-2009, 11:08 PM   #9
يحي غوردو
عضو دائم ( لديه حصانه )


الصورة الرمزية يحي غوردو
يحي غوردو غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 27460
 تاريخ التسجيل :  04 2009
 أخر زيارة : 23-03-2012 (02:38 PM)
 المشاركات : 950 [ + ]
 التقييم :  50
لوني المفضل : Cadetblue


الجــــان:

ذكرت الكلمة في القرآن ست مرات ، واحدة منها في أصل الجن، قال تعالى: خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ(الرحمان 14/15). قال ابن عباس : أي من خالص النار، أو من مارج وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت. وذكرت الكلمة مرتبطة بالإنس ثلاث مرات، منها قوله تعالى:  فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ (الرحمان /39). على أن كلمة "جان" تعني أيضا الحية أو الثعبان: قال تعالى: وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الْآمِنِينَ(القصص/31)، فقد ورد في لسان العرب: الـجانُّ: ضَرْبٌ من الـحيَّاتِ أَكحَلُ العَيْنَـين يَضْرِب إِلـى الصُّفْرة لا يؤذي، وهو كثـير فـي بـيوت الناس. وقال سيبويه: الـجمعُ جِنَّانٌ؛ وأَنشد بـيت الـخَطَفَـى جدّ جرير يصف إِبلاً:
أَعناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا  وعَنَقا بعدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفا
وفـي الـحديث: أَنه نَهى عن قَتْلِ الـجِنَّانِ، قيل: هي الـحيَّاتُ التـي تكون فـي البـيوت، واحدها جانٌّ وهو الدقـيقُ الـخفـيف. وقد ورد في التهذيب فـي قوله تعالـى: تَهْتَزُّ كأَنَّها جانٌّ، الـجانُّ حيَّةٌ بـيضاء. وقال أَبو عمرو: الـجانُّ حيَّةٌ، وجمعُه جَوانُّ، قال الزجاج: الـمعنى أَن العصا صارت تتـحرَّكُ كما يتـحرَّكُ الـجانُّ حركةً خفـيفةً، قال: وكانت فـي صورة ثُعْبانٍ، وهو العظيم من الـحيَّاتِ. ونـحوَ ذلك قال أَبو العباس: شبّهها فـي عِظَمِها بالثعبانِ وفـي خِفَّتِها بالـجانِّ، ولذلك قال تعالـى مرَّة: فإِذا هي ثُعْبانٌ، ومرَّة: كأَنها جانٌّ. قال أبو عبيدة ، في تفسير قوله تعالى:  فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى(طه/20) وفي قوله: وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ(النمل/10) كأنها جان من الحيات أو من حية الجان فجرى على أن ذلك شيء واحد، وقيل كانت العصا في أول الحال جانا وهي الحية الصغيرة، ثم صارت ثعبانا فحينئذ ألقى العصا، وقيل اختلف وصفها باختلاف أحوالها، فكانت كالحية في سعيها وكالجان في حركتها وكالثعبان في ابتلاعها.
في لسان العرب نجد أن كلمة الـجانّ تعني أيضا الشيطان، والعرب تسمي الحية شيطانا، بالإضافة لتسميتها جان، قال الشاعر يصف ناقته:
تلاعب مثنى حضرمي كأنه  تعمج شيطان بذي خروع قفر.
والجنين يسمى جنينا لاستتاره في بطن أمه، ومنه قوله تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اتَّقَى (النجم/32). ويقال جنه الليل: أي أخفاه وستره بظلامه، ومنه قوله جل جلاله: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (الأنعام/76)، وجن الرجل جنونا وأجنه الله فهو مجنون: إذا غاب عقله واستتر رشده، فارتفع عنه التكليف لعدم وعي عقله وحضوره. قال تعالى: أَمْ بِهِ جِنَّةٌ (سبأ/8).
كما وردت كلمة "جنة" في مقابل كلمة "ناس" في عدة آيات قرآنية منها: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (هود/119)، وَلَـكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي‌ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. (السجدة/13)، وَجَعَلُوا بَيْنَهُ و وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (الصافات/158)... الظاهر أن معظم الكلمات المتكونة من مادة الجيم والنون أي حرفي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةجنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة + نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة ننقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة، في اللغة العربية، تعني الخفاء والستر عن العين. ولفظ: جني الذي سمت به العرب قديما، والقرآن الكريم، هذا المخلوق العاقل الخفي الذي يرانا ولا نراه، والذي يساكننا هذا العالم، أخذته اللغات الأوربية عن العربية، وأطلقت عليه لفظ: Génie ويعني في الفرنسية: عبقري ، وهو كائن خارق له قدرات ساحرة. وفي الأنجليزية يعني الروح الشيطانية، كما يعني ذلك الكائن العاقل الذي يفعل الخير ويساعد الإنسان وقد يكون شريرا، يسعى للشر والتدمير.
تعني كلمة جين Gène أيضا ذلك الجزء الذي يوجد في الحامض النووي ADN والمسؤول عن الخصائص الوراثية للكائنات، وهو مختفي في الكرموزمات (وفي الفيروسات هو موجود في جزيء الحامض النووي المكون للجينوم).
هكذا نلاحظ أن لفظة "جن" تحتمل معان عدة، فهي تعني تارة: كل شيء ستر عنك ولم تره عينك، وطورا تشير إلى بعض الحيوانات كالحيات والثعابين، بينما تعني في أحيان أخرى نوعا من المخلوقات التي تعيش معنا ولا نراها (مستورة عنا). تشير اللفظة ـ جن ـ أيضا إلى نوع من التخبط في الأفعال والأقوال كما تشير إلى الأعمال والقدرات الخارقة الساحرة، أو الأشياء والظواهر التي لم يستطع العقل استيعابها وسبر أغوارها: فكل شيء خارق وغريب مما يصعب عمله، أو كل شيء دقيق أو عظيم في نفسه، أو في أعيننا، قد ينسب إلى... الجن...
نشير أيضا إلى أن القرآن الكريم ميز بين عالمين، للكائنات الحية المكلفة التي تعيش على الأرض، وهي متداخلة ومترابطة فيما بينها: عالم الإنس، وعالم الجن، فقد روي عن ابن عباس، في قوله عز وجل: "رب العالمين"، قال: رب الجن والإنس (جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري).
يجب أن نفهم كذلك أن إبليس من جنس الجن وصفته شيطان، وليس كل جن شيطان وليس كل شيطان إبليس، فإبليس هو أبو شياطين الجن (الأب الفعلي لأن له ذرية خاصة به والأب الروحي لمن تشيطن من الجن)، وليس أبا للجن بإطلاق، كما أن آدم هو أبو البشر.
ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌ كلمة‌ "آدم"‌ كاسم‌ خاصّ وعَلَم‌ لآدم‌ أبي‌ البشر، وكلمة‌ "إنسان"‌ و"إنس" و"بشـر" كاسـم‌ عام، واسـم‌ جنـس‌ لنوع‌ بني‌ آدم‌، وكذلـك‌ أيضاً وردت‌ كلمة‌ "إبليـس‌" كاسم‌ خاصّ وعَلَم‌ لرئيس‌ شياطين‌ الجنّ، وكلمة‌ "جان"‌ و"جنّ" و"جنة" كاسم‌ عام، واسم جنس لذلك‌ النوع‌. والقرآن‌ الكريم‌ يعتبر الإنس والجنّ موجودَين‌ ماديين‌ يمتلكان‌ الشعور والإدراك‌، وقابلَين‌ للأمر والنهي‌، واعتبرهما في‌ جنب‌ بعضهما قابلَين‌ للخطاب‌ والمفاهمة‌، خلق‌ الله تعالى‌ أوّلهما من‌ الطين‌ وثانيهما من‌ النار، وجعل بينهما علاقة وتواصل واتهامات وتعاملات...


 

رد مع اقتباس