عبدالرحمن أنت الرقــم الصـــعب ..!!

عبدالرحمن أنت الرقــم الصـــعب ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم

عجيب أمرك أيها الناشئ في أحضان الحضارة ومراتع الترف .. .. أما كان لك في (شاليهات) سواحل الكويت ومقاهي أبراجها كفاية حتى جاوزت ذلك إلى حضارة الرافدين ونخيلها الباسقات... ؟ هل سحرتك عيون المها في بغداد وجواذب الهوى بين الرصافة والجسر ..؟ ـ المشهد الذي فجر شاعرية ذلك الأعرابي وسلب عقله بعد أن جاء من الصحراء إلى بغداد وقد رسم العالم من خلال رقعة صحرائه وحمل العصا على كتفه ولسان حاله يردد :
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها .. علي ولا أني تحنيت من كبر .
ولكنـني ألزمـت نفسـي حـملـهـا .. لأخـــبرها أن الـمقـيـم عـلى سفر .!

فلما طُلب منه أن يصف الخليفة المتوكل في شعره الصحراوي النقي لم يتردد أن يصف الخليفة بشجاعة التيوس ووفاء *** الراعي ...!!؟ وكادت براءته البدوية وصدقه أن تتسببان في إزالة رأسه من بين أكتافه ونقله إلى عالم الآخرة .. ولكن عناية الله أغنت وكفت حينما قال الخليفة إني أرى لهذا الأعرابي شاعرية متدفقة فخذوه وانزلوه في الكرخ على شاطئ النهر وهيئوا له ما يريد من المتع وأسباب الترف وبعد سنة أحضروه إلي ... وبعد السنة جاء الأعرابي وقد استبدل عصا البداوة الصلبة بخيزران الحضارة .... وحينما أدخل على الخليفة انفجر ينبوع إبداعه قائلا :
عيون المها بين الرصافة والجسر ...... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري.
أعــدن لي الشـوق القـديم ولم أكـن ... .سـلوت ولكـن زدن جـمرا على جمرِ !
................................. ...................................

نعم أيها الكويتي المشاكس إن أسرتك بغداد كما أسرته التمسنا لك عذرا ... لكن ما الذي أوصلك إلى أمريكا الشمالية وبالتحديد إلى كندا ؟
أهو تطلعك إلى اكتشاف سر الخليط البشري المكون من الفرنسيين والإنجليز وبقية الأجناس المهاجرة والتي كونت ما يسمى بكندا اليوم ؟
أم أنك تود أن تلهو مع اللاهين على مصابّ الشلالات وحدائق مقاطعات كيوبك وضفاف نهر أوتاوا ...؟ ما أعجب أمرك حتى عاصمة الضباب خبرت شوارعها ووقفت بجانب ( البج بن ) وتجولت في الهايد بارك .. ولم تتخلى عن رحلة استجمام في أحضان الريف الإنجليزي ..؟
لماذا كل هذا ؟ هل أنت مصاب بداء الملل من ملذات الحضارة وقلق انفجار الثروة النفطية ..؟
هل مللت الحياة في السالمية والأحمدي و وربة و بو بيان .. ؟
ألم تجد في موسم صحراء الرقعي وحفر الباطن وخبوت نجد وجبال الحجاز ما يسكن هيجان نفسك الرحالة ..؟
يا لغرابة حالتك !! ؟
بالفعل أنت حالة تستحق الرصد والبحث والتحري ..
نعم عبد الرحمن .. سأكشف للقراء سرك وأحذرهم من خطورتك أيها الثائر على المألوف وعلى السائد وعلى النمطي ... يا من أصبحت صفحة في تاريخنا المعاصر كُتبت أسطرها وكلماتها خارج الأقواس ... إن شهادتي ضدك هنا انتقام لدمعي ودموع أسرتي التي كنت سببا في إهدار مائها بعد أن كان متحجرا .... وعندي من البينات على إدانتك مايلي : أنت كنت في الجامعة لا تأكل إلا وجبة واحدة وكنت لا تنام على السرير المخمل بل تنام على الأرض ... أليس كذلك ؟
هذه شهادة المقربين منك وحينما ألح عليك المحقق اعترفت بذلك وقلت :
أنا مسلم وكلما أردت أن أتناول الوجبات المعتادة كما يفعل الآخرون غيري تذكرت أن من إخواني المسلمين من لايجد وجبة واحدة فكنت ألزم نفسي التقشف فأنام على الأرض لأساويها بالمحرومين والمقهورين في بقاع الأرض لقناعتي بأنهم بشر مثلي لهم مشاعر وأحاسيس كما لو كنت أنا مكانهم وهم مكاني ...
نعم عبدالرحمن ... هنا بدأت أولى خطوات براءتك لكن هل لديك مايثبت صدق هذا على أرض الواقع ؟ لماذا لزمت الصمت ولم تدافع عن نفسك ؟ أعلم أنك لا تحب ذلك لذا سأتولى أنا الحديث وأكشف كل ما أعرفه عنك وللقراء الحكم بعد التأكد من كفاية الأدلة .. علما بأنني لم أقابلك يوما من الأيام وأنت لا تعرفني شخصيا .. أنت ترعرعت في سواحل الشمال الشرقي للجزيرة العربية وأنا رأيت نور الحياة على السهول النجدية لمرتفعات السراوات الجنوبية وبيني وبينك امتدادات هضبة نجد ولكن .. إن يختلف ماء الغمام فمائنا .. عذبٌ تحدر من غمام واحد

أنت الآن الدكتور : عبد الرحمن السميط .... تحمل الدكتوراه في الأمراض الباطنية ...ومع ذلك تحمل على كتفيك هموم أمتك المكلومة من أعدائها من جهة ومن الجهة الأخرى مصابة بخمول بعض أبنائها الذين أصيبوا بداء البطنة والتي قيل إنها تذهب الفطنة ... أنت تحمل على نفسك هذا الهم منذ أكثر من ستين عاما قضيت منها ثمانية وعشرين في أدغال إفريقيا وصحاريها بين الوحوش والحيات والبشر الجياع قضيتها هناك ترافقك فيها زوجتك المؤمنة التي تبرعت بكل ما ورثته من مال وثروة من أبيها للفقراء والمحتاجين طاعة لله واحتسابا للأجر ومشاركة لزوجها الدكتور الذي هجر لذات الحياة المترفة ونعيمها الزائل . نعم دفعت كل مالها راضية مرضيا عنها من زوجها الذي ينظر إلى صنيعها وما قدمت لنفسها في الآخرة ولسان حاله يردد :
ولو أن النســاء كـمن عرفنا ـــــ لفضلت النساءُ على الرجالِ .
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ـــ ولا التذكير فخر للهلالِ .

رأيتك يا دكتور في مقابلة تلفزيونية منذ سنوات وبيدك صورة طفل لانرى منه سوى غطاء جلدي مركب على هيكل بشري وصورة أخرى لرجل أفريقي في هيئة وقورة تظهر عليه علامة العيش المستقر وهيبة التعليم وأنت تقول إن لهذا الطفل وهذا الرجل قصة ... حيث جائتني أم هذا الطفل وأنا أوزع إعانات وطلبت مني وجبة غذائية لطفلها فلما نظرتُ إلى الطفل قررت عدم صرف الوجبة له بحكم أنه عندي وأنا الطبيب المتخصص أقرب إلى الموت منه للحياة فقررت توفير الوجبة لطفل آخر ترجى له الحياة ...خصوصا أن هذه الإعانات ليست من مالي وإنما أنا مؤتمن عليها. ولكن أم الطفل ألحت علي كثيرا فأردت أن أطيب خاطرها فصرفت له وجبة من حسابي الخاص ومضت الأيام وأراد الله لهذا الطفل أن ينتعش ويكبر ويتعلم وهاهو الآن أصبح هذا الرجل الذي ترونه وهو الآن حافظا لكتاب الله ويتبوأ منصبا مرموقا في دولته .... ؟؟؟؟؟

دكتور عبد الرحمن إن وجودك في إفريقيا طوال هذه المدة لا يعني أنك تساوم أحدا على دينه إنما أنت تقدم الإعانات وتعرض الإسلام الدين الحق فهنيئا لك ....
وقبل أن أختم مرافعتي هذه أود أن أبين لك كم كنتُ فرحا معتزا و كم كنتُ حزينا وباكيا حينما سمعتك تخبر بقصة إمام مسجد إحدى القرى في دولة إفريقية أصيبت قريته بالمجاعة فجاءت المنظمة الدولية للغذاء كي توزع الإعانات على أهل تلك القرية - وهذه المنظمة تدفع كل الدول بما فيها العربية والإسلامية مساهماتها فيها ...؟ - جاء مندوبو المنظمة وكلهم من النصارى ليوزعوا الغذاء والدواء على أهل تلك القرية وجاء إمام القرية ومعه أسرته ولما علم مندوب المنظمة وهو أمريكيٌ شماليٌ أن هذا هو إمام مسجد القرية قال: له تنصر واترك دينك لأعطيك الطعام . فقال : لا لن أفعل ذلك ولن أترك ديني الإسلام . فلما يئس منه قال : ابق على دينك ولاكن قم أمام الناس وخاطبني وقل أنا تركت ديني الإسلام. فقال له الإمام المسلم الصابر : والله للموت جوعا أحب إلي وإلى أسرتي من أقف هذا الموقف الذليل . وعاد إلى بيته ... وفي ثنايا روايتك لهذا الخبر حدثت أنك ذهبت إلى تلك القرية وقد هجرها أهلها هروبا من الجوع وذهبت إلى بيت الإمام ودفعت الباب فوجدت هيكله العظمي وهياكل زوجته وأبنائه ... ؟؟؟

كم أبكتني هذه الحادثة كثيرا كثيراً وكم أيقظت في وجداني العزة والفخر بهذا الدين .. ويا لهذا الإفريقي المكلوم الذي أكتسب هذه العزة والصمود من دينه ومن سلفه الذين سبقوه في هذا المضمار من لدن إبراهيم عليه السلام مع النمرود حتى محمد صلى الله عليه وسلم مع قريش وحصار الشعب في مكة ... حتى عبدالله بن حذافة السهمي مع قيصر الروم وفكاك أسرى المسلمين ... ماتوا وغُيِّبَ في التراب شخوصهم ....... فالنشر مسك والعظام رميم

د/ عبد الرحمن إن المتصفح للتواريخ يعجب لهذه الكثرة الكاثرة من القدوات في هذه الأمة مقارنة بغيرها من الأمم ... وأن الأمم مجتمعة ليس لها من قدواتها ما يساوي الواحد في المئة من قدواتنا كماً وكيفاً ... والمتتبع لبعض الأمم يجد أنهم يلمعون رجالا ونساء لا يستحقون التمجيد إذ يقيمون لهم التماثيل ويصورون أحوالهم للأجيال تصويرا مبالغا فيه .... إنهم يفتقدون القدوات الحقيقيين فيصنعون لأنفسهم وهما وصدقوا هذا الوهم بواسطة إعلام قوي ساعد على ترسيخ هذه الأوهام وتأسيسها في النفوس .....

دكتور : عبد الرحمن السميط * سلام عليك أينما كنت فستبقى بما قدمته لأمتك ولنفسك علامة فارقة وشامة في جبين التاريخ وذلك فضل الله عليك وعلى أهل بيتك فهنيئا لك ذلك وأسأل الله لك الثبات وحسن الختام وأسأل الله لهذه الأمة العزة والتمكين .... وأن يجعلنا جميعا من السائرين في ركبها إلى جنات الخلد فهناك حسن المستقر ونعم المقام .....

( هذه المقالة رأيت أنه من الواجب علي أن أسطرها عرفانا لرجل يستحق منا التكريم ... تعمدت أن اكتبها بالصياغة الحالية مع الاعتذار..)
تحياتي للجميع.

سعد الصماني الحارثي
باحث ومدرب في البناء الشخصي .

.

المصدر: نفساني

رحم الله الدكتور عبدالرحمن ،،، كان رجلا بأمه ،،،

ونشكرك كل الشكر على التذكر بهذه الشخصيه الإسلاميه الرائعه ،،،

نشكرك اخي الحارثي

شكرا اخي سعد على هذه الالتفاتة الطيبة

نسال الله العفو و العافية للدكتور و الداعية و ان يحسن خاتمته و ان يجعله قدوة للاجيال القادمة

سمعت اكثر من مرة بخبر وفاته و لكنها ما كانت الا اشاعات

هو الان على ما اعتقد في العناية المركزة نتيجة حالته الصحية الغير مستقرة

نحن بامس الحاجة الى امثالك يا دكتور عبد الرحمان \ قلوب حية .. تحيي قيم الاسلام و تزرعها اينما كانت

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحوراني

رحم الله الدكتور عبدالرحمن ،،، كان رجلا بأمه ،،،

ونشكرك كل الشكر على التذكر بهذه الشخصيه الإسلاميه الرائعه ،،،

نشكرك اخي الحارثي

أشكرك أخي الكريم ... الحوراني ...
وحسب ما أعرفه من خلال الاعلام أن الدكتور السميط لازال على قيد الحياة برغم الاشاعات عن وفاته ..


الله المستعان ...

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة "Amel"

شكرا اخي سعد على هذه الالتفاتة الطيبة

نسال الله العفو و العافية للدكتور و الداعية و ان يحسن خاتمته و ان يجعله قدوة للاجيال القادمة

سمعت اكثر من مرة بخبر وفاته و لكنها ما كانت الا اشاعات

هو الان على ما اعتقد في العناية المركزة نتيجة حالته الصحية الغير مستقرة

نحن بامس الحاجة الى امثالك يا دكتور عبد الرحمان \ قلوب حية .. تحيي قيم الاسلام و تزرعها اينما كانت

الشكر لك أختي الكريمة ...
ونسأل الله التوفيق ...

سمعت باسمه و لكني لم اكن اعلم عنه الا بعد القراءة الآن

كثر الله من أمثاله و جزاه الله كل خير
فما أجمل أن يحيا انسان ليجعل قلوب اناس تنبض بالحياة
و ما اجمل ان يضع في هذه الدنيا بصمة لا تشابهها ابصمة العوام
بارك الله فيك اخي على هذه الالتفاتة

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملكة السكوت

سمعت باسمه و لكني لم اكن اعلم عنه الا بعد القراءة الآن

كثر الله من أمثاله و جزاه الله كل خير
فما أجمل أن يحيا انسان ليجعل قلوب اناس تنبض بالحياة
و ما اجمل ان يضع في هذه الدنيا بصمة لا تشابهها ابصمة العوام
بارك الله فيك اخي على هذه الالتفاتة

جزاك الله خيرا أختي ملكة السكوت ...

جزاكم الله خير أخي الكريم ونسأل الله الشفاء والعافية للشيخ الفاضل وأن يجزيه خير الجزاء ويكثر من أمثاله ...

ملف/ أوراق متناثرة .. د. عبد الرحمن السميط - صيد الفوائد

التحية والتقدير للجميع