قصص العقوق تحكمها الملايين.. فمتى تنتهي؟!

قصص العقوق تحكمها الملايين.. فمتى تنتهي؟!

بأمر الأبناء.. الأب عاجز عقلياً!..

قصص العقوق تحكمها الملايين.. فمتى تنتهي؟!



دخلت قاعة الإجتماعات الداخلية بعد أن خرجت لإحضار ملف مهم للاجتماع تباطئت حركتي بعد أن رأيت و سمعت نقاشاً حاداً بين الطبيب و المدير و رجل- مواطن- كان يزبد و يرغي بأعلى صوته بأن التقرير الذي كتبته اللجنة الطبية غير صحيح و بأن والده يعاني من الخرف و عدم القدرة الذهنية على إدارة أمواله، و كان النقاش هذا يدور أمام الوالد الذي كان يبدو مبهماً و أمام الإبن الآخر الذي كان يؤيد أخاه الأكبر في إدعائهم بأن والدهم غير مسؤول ، يبدو أنهم أقتحموا قاعة الإجتماعات بعد أن سألوا عن مكان تواجد المدير ، و علت الأصوات مع إصرار المدير بأن القرار يعود إلى اللجنة الطبية المختصة في الأمر و التي رأت أن الوالد لايعاني من أي خلل نفسي أو عقلي و بين الطبيب الذي أصر أن ينفرد بالوالد ليتحدث معه و مع إصرار الأبناء على موقفهم و عدم السماح للطبيب بالإنفراد مع والدهم تركوا القاعة مهددين بأنهم سيصلون لسلطات أعلى لتحقيق مرادهم لأن والدهم بتصرفاته اللامسؤولة بحد زعمهم قد باع الكثير من الأراضي للغير و اللذين استغلوا والدهم لشراء تلك الأراضي بابخس الأسعار و بذلك قد "ضاع حلالهم" على حد تعبير الإبن الأكبر ، تركوا القاعة و هم يمسكون بيد والدهم الذي كان يبدو لي صحيحاً جسمياً و بدا لي أنه كان مشوشاً بل مصدوماً لما يحدث كان يبدو أنه لا يبالي لما يحصل أمامه من تلاحم و صدام من أجل ما يملكه.


صرح الطبيب بأن الوالد قد ذكر له أنه يدرك بأن أبنائه يريدون الثروة و إن أعطاهم التوكيل العام الذي يخول لهم حق التصرف في جميع أمواله و ثروته فإنهم سوف يطردونه من منزله و سيلقون به في دار للعجزة و المسنين!!!


المسألة التي وقعت أمامي كانت تحتمل العديد من الإحتمالات و الأبعاد ، الإقتصادية الإنسانية المرضية و الإجتماعية


ربما يكون ذلك الأب غير متزن نفسياً حتى يتخيل و يتراءى له بأن أبنائه يكيدون ضده المآمرات و الدسائس لطرده من منزله و نهب ثرواته لذا تراه يثق بالغريب و يبيع بأبخس الأسعار ظاناً بأن تلك هي التجارة الرابحة و الصفقة المثالية ، أو ربما يكون على حق و على دراية بأبنائه و نواياهم تجاهه و تجاه ثروته.


و ربما يكون الأبناء على حق في الحفاظ على ثروتهم المستقبلية و حماية حقوقهم من أطماع الغير الذي لا يرحم و لا يتساهل و لا يعطف على شيخ كبير داهمه المرض النفسي فاستغلوه أبشع استغلال طالما القانون لا يحمي المغفلين ، أو ربما هم بالفعل يطمعون في تلك الثروة و يريدون توزيعها قبل أن يستغل الغير طيبة الوالد، فيريدون ما يخول لهم تلك الغاية و لا سبيل سوى الإدعاء بأنه مصاب بالخرف و بالتالي الحجر على أمواله و ثروته، لذا لجأوا إلى المحكمة و التي قررت أن يعرض الوالد على اللجنة الطبية المختصة


ربما اخطأت اللجنة الطبية المختصة في تشخيص حالته العقلية و النفسية، فالوالد و كما ذكر الطبيب قادر على القيام بأعبائه اليومية و الشخصية حيث أنه غير معتمد على الغير في تناول طعامه و في العناية الشخصية بنظافته ، ولكن ذلك كله لا ينفي أن يكون الوالد بالفعل مختل نفسياً، فالأمراض النفسية لها العديد من المصنفات و جميعها لا تندرج تحت مسمى واحد ، فهي أمراض شائكة جداً بل معقدة لأبعد الحدود، و على حسب علمي فإن تلك اللجنة الطبية المشكلة لم يكن من ضمنها طبيب نفساني لتشخيص حالته النفسية و مدى توازنه النفسي و الذهني، لذا كان حري باللجنة أن تقرر أن ترفع الحالة لإختاصي الأمراض النفسية للإدلاء برأيه...


جميع تلك الإحتمالات واردة و القضية لن تقف عند هذا الحد فالأبناء مصرين على موقفهم و على حسب رأيي الشخصي سيستطيعون الحصول على ذلك التقرير و بالتالي الحجر على والدهم و على أمواله.


فلنفترض بأن الأبناء كانوا على حق و بأن المسألة خرجت عن نطاق المعقول و بأن والدهم قد تم استغلاله نتيجة خلل نفسي أو طواعية و لكنهم لن يسمحوا بالمزيد من التهاون في تلك الثروة، فلنفترض ذلك.... بالله عليكم كم تساوي تلك الثروة لأعرض من أجلها والدي الذي رباني و خاف علي في صغري و كبري و أغدقني بحنانه و عطفه و حبه و باع الغالي و النفيس من أجلي لتلك المهانة؟؟ كم تساوي تلك الثروة التي أتهم فيها والدي بالخرف و الجنون ؟ كم تساوي تلك الثروة التي أعرض فيها والدي لذلك الموقف الذي يسمعني فيه و أنا أساوم بين المال و بين كرامته و إنسانيته؟؟ كم تساوي تلك الثروة التي تحرم والدي من النوم و تجعله يفكر في هذه الدنيا التي قست عليه و ألبت أبنائه عليه ليتقاسموا تلك الثروة أمامه و يدوسوا على كرامته و يجروه في المحكمة تارة و في المستشفى تارة الأخرى ؟؟ كم تساوي تلك الثروة التي جعلت الوالد يجر نفسه عنوة خلف أبنائه و في رأسه 100 علامة استفهام و تعجب تردد إلى أين ؟؟


كم تساوي تلك الثروة عندما يترك والدي هذه الدنيا و هو عني غير راضي ، غير راضي عما فعلته به من أجل ثمن بخس دراهم معدودة؟؟ كم تساوي تلك الثروة بعد أن أترك أنا هذه الدنيا ليحاسبني ربي على ذلك العقوق و تلك القسوة في حق والدي...


عقوق الوالدين اتخذت نواحي و أشكال عدة، سمعنا بالعديد من القصص و الروايات و المسلسلات التي رسمت تلك الصورة القاتمة لابناء قست قلوبهم و عميت أبصارهم عن كل شيء سوى مصالحهم الشخصية ، ولكن أن ترى تلك المواقف بأم عينك فذلك يوم عصيب ، أصارحكم أنني إلى الآن لم أستطع محو صورة الوالد المنكسر من مخيلتي عندما أمسك الإبن الأكبر بيده و قاده لخارج القاعة و هو يدري أو لا يدري بأن كرامته قد بيعت ولا سلاح لديه سوى التضرع لله و العناد لآخر اللحظات و هو يدرك بأنهم سيحصلون على مبتغاهم عاجلاً أم آجلاً، و بالرغم من ذلك تراه ممسك و متشبث بآخر ورقة تحمي أبنائه من الإنحلال و التفكك و الضياع لهاثاً خلف ثروة زائلة


فلنتأمل جميعاً هذه الآيات التي نرددها دائماً و أبداً ولكن يبدو أننا في زحمة الأيام ننساها و نتجاهلها :
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23)
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)
صدق الله العظيم ... سورة الإسراء


أي عمل أعظم من بر الوالدين الذي أقرنه الله بعبادته عز و جل... فلا تقل لها أف، أي لا تتأفف الذي هو أدنى مراتب القول السيء ، و لاتنهرهما : أي لا تنفض يدك عليهما ، و لما نهانا الله عن القول القبيح و الفعل القبيح أمرنا بالقول الحسن و الفعل الحسن" و قل لهما قولاً كريما" أي ليناً حسناً بتأدب و توقير و تعظيم ...


ربنا بلغنا الصبر على طاعة والدينا و حفظ كرامتهم و إنسانيتهم و لاتجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا إلى النار مصيرنا

المصدر: نفساني

الموضوع ثري



الأسطورة

قصة محزنة مؤلمة !! لو كان الاب يعارض وبشدة وياخذ ويعطي
ويخاصم لهان الامر ولكن كسير الجناح !!
ما قيمة المال مقابل نظرة الانكسار في عين اب او ام ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!
اي مال يساوي صحة وسلامة والدي ووالدتي ؟؟!!

الخلل في ذات الشخص العاق فلم ييسره الله لعمل الخير .. بل افقده
أعظم المشاعر الانسانية التي تظهر في مثل هذه المواقف حتى لو كان
المجتمع غير مسلم ! فما بالك لو كان في بيئة مسلمة !!

مشكورة ويعطيك العافية على هذه العبرة القيمة

اخوك برق الحجاز