الإرشاد والعلاج بالمعنى .. بين النظرية والتطبيق

الإرشاد والعلاج بالمعنى .. بين النظرية والتطبيق

تناولت مؤخرا بعض الدراسات عن اساليب العلاج بالمعنى logo therapy والذي اشتق منه مفهوم الارشاد بالمعنى Logo counseling ويعني الارشاد او العلاج الروحي والمعنوي , ويأتي الربط هنا بين الارشاد والعلاج النفسي لكونهما وجهين لعملة واحدة من حيث الأساليب والطرائق والتطبيقات , ويختلفان حول طبيعة العميل client لكل من المرشد او المعالج النفسي حيث ان المرشد يتعامل مع فرد سوي هو المسترشد بينما يعمل المعالج النفسي مع فرد غير سوي وهو المريض النفسي .
يندرج اسلوب الارشاد او العلاج بالمعنى في اطار النظرية الوجودية Existentail Theiory والتي لا يلمح العديد من الدارسين العرب عنها حيث يطرحون اسلوب العلاج بالمعنى بشكل منفصل عن النظرية التي ينتمي اليها او العلاج الوجودي الذي ينتسب اليه وذلك لأسباب قد تعود الى تفسيرهم الى كنه النظرية الوجودية وربط هذه النظرية ببعض الفلاسفة غير المقبولين وفق المنهجية التي ساروا عليها التي تجنح الى" الادلجة " مثل سارتر وسيمون بفوار وغيرهما ممن ابقى هذا المفهوم في اطاره الفلسفي , بينما خرجت النظرية الوجودية من الحيز الفلسفي الذي كانت فيه لتأخذ من بعض تطبيقات علم النفس والصحة النفسية وان كانت لم تلتزم بممارسات الارشاد والعلاج النفسي بالشكل المطلوب وانما اتخذت لها اتجاها ارشاديا وعلاجيا خاصا لكنه يجنح عن الفلسفة الايدولوجية التي سار عليها الرواد الاوائل لها .
قام العلاج بالمعنى على يد الطبيب النفسي النمساوي فيكتور فرانكل Victor E. Frankl وترتكز حول بحث الانسان عن المعنى في حياته حيث ان هناك معنى للمعاناة والألم لكونه كالموت لايمكن تجنبه في الحياة , كما ان الروحية هي الخاصية الريئسية للفرد ومنها يشتق الوعي والحب والضمير , ثم الحرية في مواجهة الغرائز والميول والنزعات الموروثة والبيئة الاجتماعية, وترتكز على المسؤولية الفردية وليس على الحرية المطلقة , فالانسان مسؤول أمام ربه ثم نفسه وضميره .
من خلال الارشاد بالمعنى يمكن معالجة بعض المشكلات التي تواجه الفرد ومنها : حالات القلق والتوتر والخواف الاجتماعي والمرضي , وتفسر هذه المشكلات بأنها ناتجة من القلق او الخوف من منغصات الحياة بشكل عام ومن الموت على وجه الخصوص ووجود ضمير يشعر صاحبه بالذنب تجاه منغصات الحياة او نتيجة للاحساس بعدم تحقيق الانسان لامكاناته القيمية .
اما من خلال العلاج بالمعنى فأنه يمكن معالجة حالات العصابNeurosis المرتبطة بالحالات النفسية المتدرجة من البسيطة الى الصعبة كحالات القلق المركب والمخاوف الشديدة والاكتئاب والوساوس القهرية مرورا بالحالات الذهانية Psychosis مثل حالات المانخوليا "جنون الصمت" والفصام والهذاءات والهستيريا وغيرها , ويرى فرانكل بأن منشأ هذه الاضطرابات تعود اما الى الفراغ الوجودي وهو فراغ داخلي ينشأ بسبب عدم وجود غرائز توجه سلوك الناس واما نتيجة للاحباط الوجودي وهو احباط داخلي ينشأ يشعور الفرد بعدم تحقيق طموحاته واحتياجاته وعدم قدرته على تحمل مسؤولياته وو صوله الى طريق مسدود .
التشخيص : Diagnosis
يتم تشخيص الحالات من خلال هذا المنظور بأنه يعود الى الاسباب المؤدية الى الاضطراب او المرض اما ان تكون نفسية او وجودية او جسمية متداخلة فيما بينها ولكن يمكن التعرف على العوامل والاسباب لكل منها من خلال الآتي :
-فاذا كانت العوامل نفسية فأنها تنشأ من العصاب
-واذا كانت العوامل روحية فانها تعود الى الوجود
- واذا كانت جسمية فانها تعود الى الذهان

العلاج: Psychotherapy
من خلال العمل الارشادي و العلاجي لحالات الافراد من خلال :
- المقابلة الارشادية والعلاجية على حسب الحالة اما للاسوياء او للمرضى , والتي لايمكن ان تتعمق في شخصيات الافراد بشكل عام وانما تهتم بالتشققات والعوارض النفسية التي تحدث للفرد .

- يتعامل المرشد او المعالج النفسي من خلال التصور الوجودي مع الجوانب الفلسفية التي يظهرها المسترشد أو المريض اثناء حديثه لكونه كثير الشطحات وقد تكون رؤيته لكثير من الأمور خاصة , وفي هذه الحالة فأن الارشاد والعلاج الوجودي مكمل للارشاد والعلاج النفسي التقليدي ولايغني عنهما .

- يهتم الارشاد او العلاج الوجودي بجعل الانسان واع بمسؤولياته بما تتضمنه من التزام وبالتالي فأنه ينجح مع الاحباطات والصراعات من خلال ابراز المعنى المتضمن الالتزام بالمسؤولية والوعي بنمط حياته والتفاني من اجل اسعادها وجعلها في الوضع الطبيعي.

- يسهم الارشاد أو العلاج الوجودي في مساعدة المسترشدين المضطربين أو المرضى على ان يجدوا هدفا ومقصدا لوجودهم ومساعدتهم على تحقيق اعلى نشاط او فاعلية ممكنة لحياتهم التي يعيشونها .

- توفير اكبر قدر من الحرية الشخصية لهم , على ان تكون منضبطة والا تكون خاضعة لكثير من القيود المفروضة عليهم .

المصدر: نفساني