المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > الملتقيات العامة > ملتقى الأدب
 

ملتقى الأدب للقصة القصيرة والقصيدة باللغتين الفصحى والنبطي .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 13-10-2008, 12:24 PM   #16
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


الجريئة ..
أشكرك لك متابعتك

عمر


 

رد مع اقتباس
قديم 13-10-2008, 12:35 PM   #17
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


وفي صباح اليوم التالي كان البرد يتلاشى .. والشمس تحاول أن تتحرر
من أسر الغيوم .. فعدت الى قلبي كموعد أمس .. وبين الأمس واليوم
مسافة لا يستطيع ردمها أحد ..، وقبل أن أصل بخطوات ليست
بكثيرة .. رأيت رجلاً يخرج من البيت الذي تسكنه فتاتي .. يبدو لي أنه
والدها .. كان يتمتم .. لا أدري ماذا كان يقول .. ولكنه كان يوجه كلامه
الى السماء .. كمن يدعو الى الله بالرزق .. فقلت في نفسي :
- أأكثر من هذا تريد ؟ .. يا للطمع !..
ثم بعد خطوات .. خرجت وراءه سيدة جميلة .. وأعتقد أنها والدتها ..
كانت تدفع بيديها عربة .. كانت عربة جميلة أيضاً.. ولكنها تحمل كل
معاني الأسى والألم .. لم أصدق عيني حين رأيت تلك الفتاة تركبها ..
- يا إلهي .. انها مقعدة !
شعرت حينها أن كل الهواء الذي أتنفسه حزن عميق .. فتمنيت
البكاء .. تمنيت أن أطلق صرخة أفجر فيها الغيوم والجبال .. ولكني
كتمتها في أعماقي حفاظاً على شعورها .. فابتسمت لها مرغماً ..
ولكنها لم تستطع أن تبادلني الابتسام .. ثم بكت خلسة عن أبويها ..
وأما أنا .. فاستكملت طريقي كأي عابر سبيل .. حتى لا أعذبها أكثر ..
ذهبت الى البيت محملاً بكل مرارات الحزن والألم .. دخلت حجرتي
الصغيرة .. ورميت نفسي كالميت على فراشي .. ويبدو أن أمي
سمعت صوت خطواتي عندما دخلت البيت .. فجاءت إلي .. خلعت
عني ثياب الوحدة والشرود .. جلست بجانبي وقالت :
- ما بك يا ولدي ؟
فارتميت بحضنها باكياً .. وقصصت عليها كل ما حدث .. وأخبرتها عن
قلبي الملهوف الذي فر من جسدي..، وبعد أن ارتحت قليلاً .. قالت :
- استعذ بالله يا ولدي.. واستعد قلبك.. وادع لها بالشفاء
- ولكن كيف يا أمي ..؟ فأنا غارق في هواها .. وهي بغاية الرقة والجمال
- (متلعثمة) .. هي جميلة يا ولدي .. ولكن
- (مقاطعاً) .. ولكن ماذا يا أمي ؟
- لا شئ ياولدي .. وفقك الله
لم تكن أمي راضية عن هذا .. ولم أكن أحب أن أخرج عن طوعها ..
لولا شعوري بغد مشرق .. سيحقق ماتتمناه لولدها .. (السعادة).
وعند المساء .. ذهبت لفتاتي الجميلة أصارحها بحبي .. كانت قد عادت
من مشوارها الطويل .. وها هي تجلس على شرفتها الحزينة .. تنظر
إلي بكره مصطنع .. وأما أنا فوقفت صامتاً .. أسافر بعينيها السوداوين.. ثم قلت لها:
- قلبي يفر من جسدي اليك .. كورقة بيضاء اتسخت برياح
أحزاني .. وها شاعرك الحزين يزف اليك الحقيقة والحلم..
- (بغضب) .. دعني من هذه التفاهات .. أي حقيقة وأي حلم هذا ؟
- حلم الدنيا الجميلة .. وحقيقة حبي
- ما الذي يغريك بالرحيل من أحلامك إلى لياليّ الطويلة
الحزينة ؟ .. هل هي الرغبة في الثراء .. أم الرغبة في اقتحام
المجهول .. أم هو الإحساس بالملل يجئ بك لقتل أوقات فراغك عندي..؟
- لا .. لا .. لا تقولي هذا .. (صمت قليلاً .. ثم تابعت) .. أنا حقاً
لا أدري ما الذي حرك في أعماقي الرغبة في الرحيل .. بعد أن
استكانت بي الأيام .. ولكن حبك الآن أقوى من قدرتي على الاستكانة.
قالت والدموع كالنار أخذت طريقها تحفر خديها :
- أنا لا أكذب ان قلت بأني اشتقت إليك لحظة .. بل أكذب ان
قلت بأني أحبك .. فكيف يجئ هذا الحب ؟!
- صدفة .. مثلما كان اللقاء .. فرب لقاء دون موعد وفاء ..،
أحبيني وصبي لي كؤوس الحزن واسقيني.. فقدري أن أقضي حياتي
في حزن .. أحبيني ومدي يديك إلي .. فلقد ملّت يداي القلم .. أحبيني
ريثما تورق أحلامي حباً ودفئاً .. وريثما عشقاً وصباً يورق عمري .. هذا
العمر الذي شاخ قبل الأوان.. أحبيني حباً يحملني إلى ما وراء
جفنيك .. الى امتداد سراب عينيك .. فأنت بجمالك قصيدة شعري ..
ولغة العشق شعري ..
- إن حبنا هذا لا تكافؤ فيه .. ولا يجب عليك أن تحاول .. فأرجوك ابتعد عني.
- ترفقي يا فلذة قلبي .. ترفقي .. فإذا كان حبنا مأزق لك .. سأبتعد .. وإذا
كان في بعدي عنك سعادتك.. سأبتعد .. ولكن .. هلاّ أعدتني الى أمي ..
الى وعيي ورشدي ..؟ .. هلاّ أيقظتني من هذا الحلم الوردي.. وأعدت إليّ قلبي ؟ ..
فقالت بسخرية ..
- يا عزيزي .. لست بطفل حتى أعيدك إلى أمك .. والحلم الورديّ
حلمك .. وكلك أحلام .. وأما قلبك.. فالقلب لا يفرّ من جسد الإنسان.
فدهشت لما سمعت .. ولم أكن أتوقع منها هذا ..، وقفت قليلاً صامتاً .. أودعها ..
ثم مشيت مبتعداً .. أخذتني قدماي.. لا أدري إلى أين .. فتسكعت قليلاً في
الشوارع الباردة .. ثم عدت الى البيت أجر ورائي البؤس وخيبة الأمل..
يتبــــــــــــع ...........


 

رد مع اقتباس
قديم 13-10-2008, 12:42 PM   #18
ابو عبدالله40
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ابو عبدالله40
ابو عبدالله40 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 24024
 تاريخ التسجيل :  04 2008
 أخر زيارة : 07-05-2010 (10:00 PM)
 المشاركات : 579 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أبدعت وانا من المتابعين ولم ارد ان اقطع حبل افكارك وانت تسرد قصتك فأكمل القصه ايها الحزين !


 

رد مع اقتباس
قديم 13-10-2008, 12:48 PM   #19
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


أخي العزيز أبو عبدالله ،
أشكرك على المتابعة .. ولكن أعتقد أن تعليقك وتكملة القصة تزامنتا معاً
فهل فاتتك التكملة ؟

عمر


 

رد مع اقتباس
قديم 13-10-2008, 06:37 PM   #20
سمو الغامض
V I P


الصورة الرمزية سمو الغامض
سمو الغامض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23056
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 09-04-2012 (07:12 PM)
 المشاركات : 5,013 [ + ]
 التقييم :  121
لوني المفضل : Cadetblue


ما زلنا متابعين لما تجود به أحزانك , عبر قلمك المبدع ,,,,
تقبلـــ متابعتيـــ


 

رد مع اقتباس
قديم 13-10-2008, 09:25 PM   #21
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


عزيزي موئل الأساطير
أشكر لك متابعتك

عمر


 

رد مع اقتباس
قديم 13-10-2008, 11:59 PM   #22
ابو عبدالله40
عضـو مُـبـدع


الصورة الرمزية ابو عبدالله40
ابو عبدالله40 غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 24024
 تاريخ التسجيل :  04 2008
 أخر زيارة : 07-05-2010 (10:00 PM)
 المشاركات : 579 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


لا ابداً لم تفوتني انا اقرائها كل وقت وبشكل مكرر
نقطه نظام انا اعلم انك لم تكتب الكلمه التي اشرت اليه في موضوعي حوار العمالقه فقط كنت اريد ان تسندها لبومروان حتي نكهرب جوه قليلاً
اسف على مداخلتي فى متصفحك واتركك مع قصتك لتكمل لنا حزنك


 

رد مع اقتباس
قديم 14-10-2008, 06:52 AM   #23
الجريئة
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية الجريئة
الجريئة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 743
 تاريخ التسجيل :  10 2001
 أخر زيارة : 24-05-2011 (10:57 PM)
 المشاركات : 1,011 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


صباح الخير أخ عمر .. ارجوك لا تتأخر علينا

لازلت متابعة


 

رد مع اقتباس
قديم 14-10-2008, 12:09 PM   #24
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


أخي العزيز أبوعبدالله ،
أشكرك على متابعتك .. ووصلت المعلومة

تقبل تحياتي
عمر


 

رد مع اقتباس
قديم 14-10-2008, 12:12 PM   #25
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


أختي العزيزة الجريئة
لك مني كل الشكر والعرفان على هذه المتابعة

وتقبلي تحياتي
عمر


 

رد مع اقتباس
قديم 14-10-2008, 12:58 PM   #26
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


القصة الكاملة
قصة قصيرة

جميلة .. ولكن
كانت ليلة باردة وممطرة .. وكانت حارتنا الفقيرة وكأنها في سبات
عميق .. حين تركت صديقي الذي كان يسامرني .. وما كنت أنوي
تركه لولا أن استعمرني النعاس والتثاؤب .. فذهبت الى بيتي الصغير
في ساعة متأخرة من الليل .. ودخلت وأنا أمشي على رؤوس
أصابعي كي لا أحدث صوتاً فأزعج أمي العجوز النائمة .. فبدلت ثيابي
المبللة ووضعت رأسي بهدوء على وسادتي التي وكأنها حجر مبلول..
وحاولت أن أنام .. ولكن البرد القارس وصوت زخات المطر وهي ترتطم
فوق سقف الغرفة وحولها وأصوات (المزاريب) المتدلية من أسطح
البيوت المكتظة حالت بيني وبين النوم .. وبدأت أتقلب وأحك جسدي
المقشعر برداً بفراشي الرطب الى أن اعتراني الدفء ونمت ..
وحين كنت غارقاً في أحلامي السعيدة .. جاءت توقظني .. فنظرت
إليها بطرف عيني ..
لأول مرة كنت أراها .. كانت جميلة جداً .. أيقظتني وهي مبتسمة
ويشع من ابتسامتها النور .. وأنا مندهش .. مبهور بجمالها .. فحاولت
أن أقف .. ولكنها منعتني بيدها بلطف وجلست بجانبي .. وفي عينيها
ألوان قوس قزح.. ووجنتاها جوريتان مخمليتان حمراوان .. وسابل
شعرها الأسود يكاد يمس الأرض من طوله.. ولم أر جمالاً كهذا من
قبل .. كانت تزين عنقها الطويل ومعصميها البيض لآلئ وحلي كثيرة ..
يا لجمالها .. ! ما هذا ؟!
قلت هذا في نفسي .. حتى أنني نسيت أن أسألها من تكون ..
فحاولت أن أسأل ولكنها سبقتني بصوت عذب (يا الله ما أعذبه) ..
بصوت هادئ .. قالت :
- لا تسأل عني .. فهذا لن يفيدك .. ولن يغير شئ
- ولكن .. كيف عرفت ما أود أن أسأل ؟!
- (مبتسمة) انهض .. ودع عنك التساؤلات
- ولكن .. من أنت .. ولماذا وكيف ومن أين جئت ؟!
- سأجيبك عن كل ما تريد .. ولكن لا تسألني من أنا
- (متعجباً) لماذا ؟!
- ولا تسألني لماذا .. فستعرفني لاحقاً
(يا الله .. ماهذا .. ماهذا الذي أنا فيه ؟نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
- إذن .. ماذا تريدين ؟
فانتصبت واقفة ولم تجب ..
فاحترت وتلعثمت .. وما عدت أدري ماذا أقول .. ففقدت أعصابي
وصرخت .. صرخت .. صرخت بعلو صوتي.. فصحوت من حلمي .. وإذا
بأمي العجوز تمسح بيدها الحنونة على رأسي وتسمي باسم الله ..
وأنا ألهث.. وأحاول أن أبتلع ريقي ولكن لعابي كان قد جف .. فقصصت
عليها حلمي .. فقالت بهدوء الليل الساكن :
- إنها الدنيا ياولدي .. هي جميلة ولكنها فانية
وفي تلك الليلة الماطرة .. شعرت أن قلبي يفر من جسدي .. ، وفي
اليوم التالي (حيث توقف المطر) صحوت في ساعة متأخرة من النوم..
فقلت بغضب صامت :
- لقد صحوت .. اللعنة
فأنا لا أعرف ماذا سأفعل هذا النهار .. حاولت أن أنام ثانية .. ولكني
عبثاً أحاول .. فلقد استهلك جسدي كل ما يلزمني من النوم وأكثر ..
لدرجة أن النوم كاد أن يستهلكني .. فقمت وهرولت مسرعاً ..
وغسلت يدي ووجهي بسرعة حتى لا أعذب نفسي طويلاً (فالماء كان
بارداً جداً) .. ثم ارتديت ثيابي وقد جفت بعض الشئ من بلل الأمس ..
وحزمت نفسي لأخرج .. وعند خروجي لاحظت أن زجاج النافذة مندى
بالأبخرة .. فابتسمت .. وقلت في نفسي :
- يبدو أنني تنفست كثيراً ليلة البارحة ..
ثم فتحت باب البيت لأخرج .. كان الطقس بارداً جداً .. فحاولت من شدة
البرد أن أدفن رأسي في قلبي .. ولكني وجدته فراغاً .. فتذكرت أن
قلبي قد فر من جسدي ليلة أمس .. (ولكن الى أين ؟نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة .. فكرت بهذا
قليلاً .. ثم تناسيت الأمر وتابعت مسيري ..
خرجت الى الشارع فلم أر فيه سوى بقايا مياه الأمطار .. فدهشت
- أين ذهبت كل أمطار الأمس .. وكيف يكون الشارع نظيفاً لدرجة بالغة ؟!
ثم تساءلت ..
- كيف لي أن أمسح كل الخرابيش عن سبورة الروح .. كما
الشوارع غسلتها مياه الأمطار من كل الخطايا..، انه أمر مستحيل ..
كنت أقول انه أمر مستحيل وأنا أمشي الهوينا على الرصيف .. وبعد
بضع خطوات .. سمعت صوت أمي يناديني..
- الى أين أنت ذاهب في هذا البرد القارس ؟ .. فالبرد يقص المسمار
فابتسمت .. وتعجبت لهذا التشبيه .. فقلت لها (مداعباً) :
- فمن أجل هذا أنا ذاهب يا أمي .. سأبحث عن مسامير مقصوصة في الشوارع
وفي الحقيقة انني كنت لا أعرف الى أين أنا ذاهب .. فليس من
المعقول أن أجد مسامير قصها البرد ..، ثم سرت وكان لا يوجد سواي
في الشوارع .. كل شئ من حولي صامت .. وكأن الدنيا قد خلت ..
فبدا لي ان هذا اليوم سيكون جميلاً .. رغم اني لم أجرب هذا من
قبل ..، بدأت أتسكع هنا وهناك .. ولهذه الأزقة نصيب .. ولتلك الشوارع
نصيب آخر .. إلا شارع واحد .. كان مدججاً بالقصور وبيوت الأغنياء ..
مكثت فيه كثيراً .. ففيه بيت جميل .. مشيد بالحجر الأبيض (وفي
الحقيقة انني استغرقت وقتاً طويلاً لاستخراج اللون .. فالبيت كانت
تغطيه أشجار كثيفة) .. ولهذا البيت عندي مقام .. فكثيراً ما أحسست
أنه يخبئ أشياء جميلة وراء أسواره .. وكثيراً ما كانت عيناي تتلاقى
على استحياء بعينان جميلتان هناك .. ولكن دون كلام .. بل دون
إشارات أيضاً.
ولكن هذا اليوم مختلف تماماً عن الأيام السابقة .. فلقد وجدت قلبي
هناك .. معلقاً على حافة شرفة هذا البيت ..
- ولكن كيف لي أن ألتقطه ؟
سألت نفسي هذا السؤال وتلفت حولي لعلي أجد وسيلة .. ثم نظرت
الى قلبي.. ففوجئت بفتاة جميلة تجلس قريباً منه على تلك الشرفة..
كانت ترتشف قهوة الصباح .. ولكن أي صباح هذا ونحن في وقت
الظهيرة ..، فقلت لها:
- أرجوك .. هلا ناولتني قلبي
فثقبت صدري عيناها الغاضبتان .. وقالت :
- (بغضب) .. ماذا تقول ؟
- هلا ناولتني .. (آه .. يا الله ما أجملها .. وما أعذب صوتها)..
ثم تداركت .. وأعدت سؤالي :
- هلا ناولتني قلبي
فاستعمرها الهدوء وبدت على وجهها علامات التعجب.. فابتسمت..
وكأنها تقول لنفسها (من أين أتاني هذا المجنون ؟نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة.. ثم قالت وهي
مبتسمة ..
- أي قلب هذا ؟!
- انه قلبي الملهوف .. يرحل دوماً في دوامة الحزن .. ينتظر
موسم الحب .. وموسم الحب قد رحل ..
كانت تستمع الي بحرارة حين كنت أسرد عليها مما لدي .. وقد كاد
البرد أن يقتلني وأنا أقف في الشارع حتى خفت أن (يقصني البرد كما
يقص المسمار) .. ولا أنكر انني كنت سعيداً لأني وجدت من يسافر
في كلماتي.. ويرتحل في أعماقي ..
كلمتها كثيراً .. ثم استأذنتها ورجعت الى البيت.. ونسيت قلبي هناك..
ولا أدري كيف وصلت البيت.. (بسرعة الضوء وصلت).. فيبدو انني كنت
أفكر فيها أثناء مسيري .. فهي جميلة جداً.. جميلة حتى الإسراف ..
ولكن غضبها بعثر أفكاري .. فقصصت على أمي ما حدث .. ولكني
أخفيت عنها الغنى الفاحش الذي تنعم به تلك الفتاة .. فأنا أعرف
أمي .. ستقول لي :
- انها جميلة ياولدي .. ولكن ..
وفي صباح اليوم التالي كان البرد يتلاشى .. والشمس تحاول أن تتحرر
من أسر الغيوم .. فعدت الى قلبي كموعد أمس .. وبين الأمس واليوم
مسافة لا يستطيع ردمها أحد..، وقبل أن أصل بخطوات ليست بكثيرة..
رأيت رجلاً يخرج من البيت الذي تسكنه فتاتي .. يبدو لي أنه والدها ..
كان يتمتم .. لا أدري ماذا كان يقول .. ولكنه كان يوجه كلامه الى
السماء.. كمن يدعو الى الله بالرزق .. فقلت في نفسي :
- أأكثر من هذا تريد ؟ .. يا للطمع !..
ثم بعد خطوات .. خرجت وراءه سيدة جميلة .. وأعتقد أنها والدتها ..
كانت تدفع بيديها عربة .. كانت عربة جميلة أيضاً.. ولكنها تحمل كل
معاني الأسى والألم .. لم أصدق عيني حين رأيت تلك الفتاة تركبها ..
- يا إلهي .. انها مقعدة !
شعرت حينها أن كل الهواء الذي أتنفسه حزن عميق.. فتمنيت البكاء..
تمنيت أن أطلق صرخة أفجر فيها الغيوم والجبال .. ولكني كتمتها في
أعماقي حفاظاً على شعورها .. فابتسمت لها مرغماً .. ولكنها لم
تستطع أن تبادلني الابتسام .. ثم بكت خلسة عن أبويها .. وأما أنا ..
فاستكملت طريقي كأي عابر سبيل .. حتى لا أعذبها أكثر .. ذهبت
الى البيت محملاً بكل مرارات الحزن والألم.. دخلت حجرتي الصغيرة..
ورميت نفسي كالميت على فراشي .. ويبدو أن أمي سمعت صوت
خطواتي عندما دخلت البيت .. فجاءت إلي .. خلعت عني ثياب الوحدة
والشرود .. جلست بجانبي وقالت :
- ما بك يا ولدي ؟
فارتميت بحضنها باكياً .. وقصصت عليها كل ما حدث .. وأخبرتها عن
قلبي الملهوف الذي فر من جسدي..، وبعد أن ارتحت قليلاً .. قالت :
- استعذ بالله يا ولدي.. واستعد قلبك.. وادع لها بالشفاء
- ولكن كيف يا أمي ..؟ فأنا غارق في هواها .. وهي بغاية الرقة والجمال
- (متلعثمة) .. هي جميلة يا ولدي .. ولكن
- (مقاطعاً) .. ولكن ماذا يا أمي ؟
- لا شئ ياولدي .. وفقك الله
لم تكن أمي راضية عن هذا.. ولم أكن أحب أن أخرج عن طوعها .. لولا
شعوري بغد مشرق .. سيحقق ماتتمناه لولدها .. (السعادة).
وعند المساء .. ذهبت لفتاتي الجميلة أصارحها بحبي .. كانت قد عادت
من مشوارها الطويل .. وها هي تجلس على شرفتها الحزينة .. تنظر
إلي بكره مصطنع.. وأما أنا فوقفت صامتاً.. أسافر بعينيها السوداوين..
ثم قلت لها:
- قلبي يفر من جسدي اليك .. كورقة بيضاء اتسخت برياح
أحزاني .. وها شاعرك الحزين يزف اليك الحقيقة والحلم..
- (بغضب) .. دعني من هذه التفاهات .. أي حقيقة وأي حلم هذا ؟
- حلم الدنيا الجميلة .. وحقيقة حبي
- ما الذي يغريك بالرحيل من أحلامك إلى لياليّ الطويلة الحزينة ؟..
هل هي الرغبة في الثراء .. أم الرغبة في اقتحام المجهول .. أم هو
الإحساس بالملل يجئ بك لقتل أوقات فراغك عندي..؟
- لا .. لا .. لا تقولي هذا .. (صمت قليلاً .. ثم تابعت) .. أنا حقاً
لا أدري ما الذي حرك في أعماقي الرغبة في الرحيل .. بعد أن
استكانت بي الأيام .. ولكن حبك الآن أقوى من قدرتي على الاستكانة.
قالت والدموع كالنار أخذت طريقها تحفر خديها:
- أنا لا أكذب ان قلت بأني اشتقت إليك لحظة .. بل أكذب ان
قلت بأني أحبك .. فكيف يجئ هذا الحب ؟!
- صدفة .. مثلما كان اللقاء .. فرب لقاء دون موعد وفاء ..،
أحبيني وصبي لي كؤوس الحزن واسقيني.. فقدري أن أقضي حياتي
في حزن .. أحبيني ومدي يديك إلي .. فلقد ملّت يداي القلم .. أحبيني
ريثما تورق أحلامي حباً ودفئاً .. وريثما عشقاً وصباً يورق عمري .. هذا
العمر الذي شاخ قبل الأوان.. أحبيني حباً يحملني إلى ما وراء
جفنيك.. الى امتداد سراب عينيك .. فأنت بجمالك قصيدة شعري ..
ولغة العشق شعري ..
- إن حبنا هذا لا تكافؤ فيه .. ولا يجب عليك أن تحاول .. فأرجوك ابتعد عني.
- ترفقي يا فلذة قلبي .. ترفقي .. فإذا كان حبنا مأزق لك ..
سأبتعد .. وإذا كان في بعدي عنك سعادتك.. سأبتعد .. ولكن .. هلاّ
أعدتني الى أمي .. الى وعيي ورشدي ..؟ .. هلاّ أيقظتني من هذا
الحلم الوردي.. وأعدت إليّ قلبي ؟ ..
فقالت بسخرية ..
- يا عزيزي .. لست بطفل حتى أعيدك إلى أمك .. والحلم
الورديّ حلمك .. وكلك أحلام .. وأما قلبك.. فالقلب لا يفرّ من جسد
الإنسان.
فدهشت لما سمعت .. ولم أكن أتوقع منها هذا ..، وقفت قليلاً صامتاً ..
أودعها .. ثم مشيت مبتعداً .. أخذتني قدماي.. لا أدري إلى أين ..
فتسكعت قليلاً في الشوارع الباردة .. ثم عدت الى البيت أجر ورائي
البؤس وخيبة الأمل..
كانت أمي تنتظر عودتي .. وقفت أنظر إليها .. وهي تنظر إليّ بحزن..
وكأنها تعلم بالذي حدث بيني وبين فتاتي.. فقالت :
- تعال يا ولدي.. تعال واسترح .. فيبدو عليك التعب والإرهاق
- (بمرارة وحزن) .. لماذا يا أمي .. لماذا يحصل معي كل هذا ..؟
- ما الذي حصل يا ولدي .. أخبرني
فأخذتني إلى حضنها .. وأخبرتها بكل شئ .. فابتسمت وقالت :
- (بحنان).. لا بأس .. لا بأس يا ولدي .. فهي تحبك
- (بسخرية).. تحبني ..؟! إنها مغرورة متغطرسة .. تظن بأنني أطمع في ثروتها
- يجب عليها أن تفكر بهذا يا ولدي .. فاعذرها .. هي تظن أنه
من المستحيل أن يعشقها رجل وهي بهذا الحال .. فلا بد أن تثبت لها عكس ذلك..


 

رد مع اقتباس
قديم 14-10-2008, 01:07 PM   #27
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


كانت تلك الليلة أطول ليلة مرّت عليّ في حياتي .. وكانت الأفكار تتزاحم في رأسي ..
حاولت النوم ولم أستطع .. حاولت كثيراً حتى ملّت مني وسادتي .. ثم نمت أخيراً..
وعندما صحوت من نومي.. جلست في فراشي أفكر بكل الأحداث مندهشاً ..
- متى حدث معي كل هذا .. ؟!
فدخلت عليّ أمي .. وحين رأتني مستيقظاً .. قالت :
- الحمد لله .. وفّرت عليّ تعب إيقاظك
- أمي .. ما الذي حدث لي يوم أمس ..؟
- خرجت كعادتك بعد الظهر .. وعدت في ساعة متأخرة من
الليل مبللاً وكأنك تعمدت المشي تحت زخات المطر
كنت أتابع معها ما تقول .. ولكنها توقفت هنا ..
- أكملي يا أمي .. وبعد
- ونمت ..
- وبعد ..
- يبدو أنك كنت متعباً .. فحلمت حلماً أيقظك من نومك
منزعجاً.. فقصصته عليّ وفسرته لك .. ثم نمت مجدداً
- فقط .. ؟!
- فقط ..
- إذن .. فكل هذه الأحداث كانت مجرد أحلام ..!!! .. حقاً انها أحلام جميلة
- جميلة .. ولكن
... انتهت القصة ...
عمر
1992م – ضبا (البحر الأحمر)


 

رد مع اقتباس
قديم 14-10-2008, 02:31 PM   #28
سمو الغامض
V I P


الصورة الرمزية سمو الغامض
سمو الغامض غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 23056
 تاريخ التسجيل :  02 2008
 أخر زيارة : 09-04-2012 (07:12 PM)
 المشاركات : 5,013 [ + ]
 التقييم :  121
لوني المفضل : Cadetblue


نعم هكذا الحياة كحلم جميل لكن ,,,

سرعنما يزول و يتبدل إلى أحزان ,,,
سرعنما نسيقظ منه على مرارة الواقع ,,,
سرعنما يفسر لنا لنعلم أنه حلم لا أكثر ,,,


تقبلـ مروريـ ومتابعتيـ ,,,


 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2008, 10:16 AM   #29
omar
عضو نشط


الصورة الرمزية omar
omar غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 25866
 تاريخ التسجيل :  09 2008
 أخر زيارة : 18-04-2016 (05:44 PM)
 المشاركات : 210 [ + ]
 التقييم :  10
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : Cadetblue


موئل الاساطير ،
أشكرك على متابعتك واهتمامك

وتقبل تحياتي

عمر


 

رد مع اقتباس
قديم 15-10-2008, 12:25 PM   #30
الجريئة
عـضو أسـاسـي


الصورة الرمزية الجريئة
الجريئة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 743
 تاريخ التسجيل :  10 2001
 أخر زيارة : 24-05-2011 (10:57 PM)
 المشاركات : 1,011 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


أخ عمر .. كم هي جميلة الأحلام
حتى وان ظلت فقط .. مجرد أحلام
من يملك اليوم .. حلما ..
لايقارن بذاك الذي لا يملك حتى حلما


 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:41 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا