المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.

 


 
العودة   نفساني > ملتقيات النقاش وتبادل الآراء > ملتقى الحوارات الهادفة والنقاش
 

ملتقى الحوارات الهادفة والنقاش حوارات تهم جميع افراد الاسره والمجتمع للقضايا والموضوعات الإجتماعية والنفسية

من عانس إلى مطلقة.. يا قلبي لا تحزن "

هكذا قالت صديقتي بصوت متهدج ، وابتسامة مغتصبة وعينين تجمعت على سطحهما قطرات دموع جاهدت لابتلاعها ، فكانت تزدري ريقها بصعوبة ،وتحاول الظهور بمظهر المتماسكة ،وهي ترد على مشاطرتي لها

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 28-03-2002, 03:07 AM   #1
الغالب حسن
عضو فعال


الصورة الرمزية الغالب حسن
الغالب حسن غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1354
 تاريخ التسجيل :  03 2002
 أخر زيارة : 09-06-2002 (03:01 AM)
 المشاركات : 34 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
من عانس إلى مطلقة.. يا قلبي لا تحزن "



هكذا قالت صديقتي بصوت متهدج ، وابتسامة مغتصبة وعينين تجمعت على سطحهما قطرات دموع جاهدت لابتلاعها ، فكانت تزدري ريقها بصعوبة ،وتحاول الظهور بمظهر المتماسكة ،وهي ترد على مشاطرتي لها بعد طلاقها من زوج لم تمكث في بيته أكثر من عام !

لم أستفسر منها عن أسباب الطلاق ، فقد كنت أعلمها تقريبًا مسبقًا ، إذ تعددت خلال ذلك العام محاولاتنا وأزواجنا لإصلاح ذات بين صديقتي وزوجها ..

وللحق كانت هي أحرص على استمرار حياتها ، وكلما كان لفظ الطلاق يتردد في إحدى جلسات التحكيم والإصلاح كانت تهز رأسها ، وكأنها تطرد هاجسًا مخيفًا ، أو خاطرًا مزعجًا ، فقد كانت تريد أن تظل زوجة مهما كلفها ذلك من عناء نفسي ، وكبدها من تنازلات ، كانت تريد أن تنفض عن كاهلها اللقب البغيض " عانس " ، وتحمل لقب " زوجة " ؛ حتى لو كان زواجها على فوهة بركان نوحتى لو كان رجلها لا يرعى فيها إلا ولا ذمة !

ولا أحسبها إلا محقة ، فما قاسته في بيت أبيها من عنت ، واضطهاد ، وتحقير جعلها تتحين أية فرصة للخروج من كهف العنوسة ولو إلى كهف أضيق وأظلم .

كنت موضع شكواها.. وكثيرًا ما استودعتني مواقف تؤكد أن والديها وأشقاءها كانوا يعاملونها بفظاظة ، وغلظة ، ويعيرونها بعنوستها ، ويشعرونها بأنها ضيف ثقيل طال مكوثه عند من ضجروا منه ، ولم يجدوا بُدّاً من مواجهته بضجرهم وتضررهم .

بكاؤها المتشنج كان يمزق قلبي ، ولا أملك إلا الدعاء .. مقترنًا بالسعي لتزويج هذه الفتاة الطيبة .. المتدينة .. الخلوقة .. المتعلمة.

نعم فلم يكن يعيب صديقتي إن اعتبرنا خلق الله - والعياذ به - عيبًا سوى شكلها ، وإن كانت خفيفة الظل .. خفيضة الصوت .. خيرة إلى أبعد حد ، وكم رشحت لها .. ورشحت صديقاتنا الأخريات راغبين في الزواج يضاهونها سنًا وعلمًا ، وكان هؤلاء يجيئون لرؤيتها.. ويذهبون بلا عودة ، فتقول هي بأسى : لا تتعبي نفسك .. أعرف أنني لا أروق لأي رجل .. مهما كان دميمًا ، ثم تنخرط في بكاء شديد ، وتقول بلهجة متشنجة : " الحمد لله على عطائه .. أنا لم أخلق نفسي .. فلماذا يعاقبونني على ما لم أرتكب ؟ ولماذا تلام الفتاة إن رفضت رجلاً لا يروق لها شكلا ؟ - ويلتمس العذر لأي شاب يرفض الاقتران بمثلي مهما تعددت عيوبه هو ؟!".
كان حالها يؤرقني .. وكثيرًا ما تحدثت إلى أمها ، وشقيقتيها المتزوجتين بشأنها ، فكانت أمها تبدي أسفها وتقول لي : " وماذا بيدي يا ابنتي .. فاض بي ! " . وتقول شقيقتاها بلا مبالاة : " وماذا تنتظرين منا وزوجانا يعيراننا بها ؟ " . وتردف صغراهما : " تصوري .. زوجي يقول عن ابنتنا التي تشبه خالتها : يا خوفي أن ترث شكلها .. وحظها أيضًا " !

أسمعهن .. وأنصحهن .. ولكن دون أن يتوقف نزيف المأساة في قلب صديقتي ذات الأربعين عامًا ، التي ما إن تقدم لها أرمل في الخامسة والخمسين حتى وافقت دون تردد ، وكذلك فعلت أسرتها .. لم يتحروا .. ولم يسألوا عنه ، وتم الزواج لتظهر الحقيقة رويدًا .. الزوج بخيل جدًا .. لا يحافظ على الصلاة ، يعتبر الاهتمام بالنظافة الشخصية إسرافًا في استعمال الماء والصابون ، يسيء معاملة أسرتها ، ويلمح لهم في كل مناسبة بأنه ذو يد عليا عليهم ، فقد أنقذ ابنتهم من العنوسة !.

كل هذا وأكثر ، وهي راضية ، لا تشكو إلا حينما يفيض الكيل تشكو أملا في إصلاحه ، وليس رغبة في الانفصال عنه ، ويمر العام ليطلقها هو ؛ لأنه - على حد قوله - " مل من كثرة شكواها ، ولا يجد مبررًا للإبقاء عليها ، فهي ليست "ست الحسن والجمال ".

فشلت محاولات صديقتي لإثنائه عن قراره ، فاضطرت للرضوخ ، وعادت إلى بيت أسرتها مرة أخرى تحمل لقبًا جديدًا " مطلقة " ، عادت محملة بآثار تجربة مريرة .. بغيضة تضيف إلى معاناتها السابقة تلالاً من العناء ، وتضيف إلى عمرها عامًا بعشرات الأعوام ، وتحفر على وجهها الحزين أخاديد تجعله يبدو كوجه عجوز في السبعين أو أكثر .

كان بوسع صديقتي أن تفعل الكثير لتتجاوز عنوستها ، وكم نصحتها ، واقترحت عليها ما يملأ فراغها ، وحاولت أن أبث فيها ثقة تستحقها - بالفعل - وألفت نظرها إلى ما تملكه من فهم حرمت منها جميلات كثيرات ، ولكنها كانت مسجونة داخل خندق الإحساس الحاد بأنها غير مرغوبة .

وكان من حولها يزيدون هذا الإحساس وطأة ؛ حتى فقدت القدرة على التفكير في غير هدف واحد : أن تصبح زوجة .. بأي مقابل ولأي رجل !

وتحقق هدفها لتصبح مرفوضة مرتين ، مرة لعنوستها وأخرى لطلاقها !

ترى كم بيننا من مرفوضات .. منبوذات بلا ذنب ؟ كم بيننا من مشروعات زوجات صالحات ، ولكنهن ضحايا لخلل قيمي .. وعسر اقتصادي .. وتفريط عقدي وتخبط سياسي ؟.

كم بيننا من حاملات للقب يرضين به ، ويحاولن التكيف معه ، ولكن الآخرين ، بل أقرب الأقربين لهن ، يدفعونهن بتصرفات تكاد أن تكون جرائم إنسانية إلى محاولة الهرب من اللقب .. الجحيم .. إلى جحيم أشد استعارًا.
المصدر: نفساني



 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:42 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by Advanced User Tagging (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd. Runs best on HiVelocity Hosting.
المواضيع المكتوبة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع رسميا